وبعد أن أتم السلطان "محمد" استعداداته زحف بجيشه البالغ (265) ألف مقاتل من
المشاة الفرسان
ومعهم المدافع الضخمة حتى فرض حصاره حول "القسطنطينية" ، وبدأت المدافع
العثمانية تطلق قذائفها على أسوار المدينة الحصينة دون انقطاع ليلاً أو نهارًا
، وكان السلطان يفاجئ عدوه من وقت لآخر بخطة جديدة في فنون القتال حتى تحطمت
أعصاب المدافعين عن المدينة وانهارت قواهم .
وفى فجر يوم الثلاثاء الموافق (20من جمادى الأولى 827 ﻫ = 29 من مايو 1453 م)
نجحت القوات العثمانية في اقتحام الأسوار ، وزحزحة المدافعين عنها بعد أن عجزوا
عن الثبات ، واضطروا للهرب والفرار ، وفوجئ أهالي "القسطنطينية" بأعلام
العثمانيين ترفرف على الأسوار ، وبالجنود تتدفق إلى داخل المدينة كالسيل
المتدفق .
وبعد أن أتمت القوت العثمانية فتح المدينة دخل السلطان "محمد"- الذي أطلق عليه
من هذه اللحظة "محمد الفاتح" – على ظهر جواده في موكب عظيم وخلفه وزراؤه وقادة
جيشه وسط هتافات الجنود التي تملأ المكان :
"ما شاء الله ، ما شاء الله ، يحيا سلطاننا ، يحيا سلطاننا "
ومضى موكب السلطان حتى بلغ كنيسة "آيا صوفيا" حيث تجمع أهالي المدينة ، وما إن
علموا بوصول السلطان "محمد الفاتح" حتى خرُّوا ساجدين وراكعين ، ترتفع أصواتهم
بالبكاء والصراخ لا يعرفون مصيرهم وماذا سيفعل معهم السلطان "محمد الفاتح" .
ولما وصل السلطان نزل عن فرسه ، وصلى ركعتين شكراً لله على توفيقه له بالفتح ،
ثم توجه إلى أهالي المدينة ، وكانوا لا يزالون على هيئتهم وقال لهم :
قفوا ... استقيموا .. فأنا السلطان "محمد" أقول لكم ولجميع إخوانكم ولكل
الموجودين إنكم منذ اليوم في أمان على حياتكم وحرياتكم .. .
ثم أمر السلطان "محمد الفاتح" بتحويل الكنيسة إلى مسجد ، وأذن فيه بالصلاة لأول
مرة ، ولا يزال يعرف حتى الآن بجامع "آيا صوفيا" ، وقرر اتخاذ "القسطنطينية"
عاصمة لدولته ، وأطلق عليها اسم "إسلام بول" آي دار الإسلام ، ثم حرفت بعد ذلك
واشتهرت بإستانبول .
وسلك السلطان مع أهالي المدينة سلوكًا به رحمة وتسامح يتسم مع ما يأمرنا به
الإسلام ، فأمر جنوده بحسن معاملة الأسرى والرفق بهم ، وقام بنفسه بفداء عدد
كبير من الأسرى من ماله الخاص ، وسمح بعودة الذين غادروا المدينة في أثناء
الحصار إلى منازلهم .
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق