كان النبي – صلى الله عليه وسلم – عطوفًا
ودودًا بالناس يحسن معاملتهم ، ويحب لهم الخير ، وكانت أخلاقه الكريمة مضرب
الأمثال ، وقد مدحه الله بقوله :"وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم ٍ"
(القلم:4) |
وعرف النبي – صلى الله عليه وسلم – بعطفه على
الأطفال ورحمته بهم ، فكان يحملهم ويقبلهم ويداعبهم ويبكى لفراقهم ، ويوصى
أصحابه بالعطف عليهم واختيار الأسماء الحسنة لهم ، وإحسان تربيتهم ،كما كان
الأطفال يحبون النبي – صلى الله عليه وسلم- وبلغ من حبهم للنبي- صلى الله عليه
وسلم – أن "زيد بن حارثة" فضل أن يعيش مع النبي – صلى الله عليه وسلم –
على
أن يعيش مع أمه وأبيه .
ومنذ أن
بدأت الدعوة الإسلامية تشق طريقها لمع عدد من الأطفال والصبية في حياة النبي –
صلى الله عليه وسلم - ، فأسلم "على بن أبى طالب" وهو في العاشرة من عمره ، وكان
"زيد بن ثابت" من كتاب الوحي الذين يكتبون القرآن لرسول الله – صلى الله عليه
وسلم – وهو لا يزال صبيًّا صغير السن ، وكان "أنس بن مالك" خادم رسول الله
وكاتم أسراره وهو في العاشرة من عمره .
وخلال
المدة التي قضاها النبي – صلى الله عليه وسلم – ظهر عدد كبير من الأطفال بفضل
تشجيع النبي – صلى الله عليه وسلم – ورعايته لمواهبهم وتوجيهها إلى الطريق
الصحيح ، فصار منهم الخلفاء والقادة والعلماء .
|
·
علي بن أبي طالب :
|
هو "على بن أبى طالب بن عبد المطلب" ، ابن عم النبي – صلى الله عليه وسلم –
تربى في بيته، لأن أباه كان كثير العيال قليل المال ،
|
 |
فأراد النبي – صلى
الله عليه وسلم – أن يخفف عنه أعباء المعيشة فأخذ "عليًّا" ليعيش معه في بيته ،
وظل معه حتى شهد بعثته – صلى الله عليه وسلم – وكان ضمن أول ثلاثة أعلنوا
إسلامهم .
كان "على بن أبى
طالب"- رضى الله عنه- منذ صغره شجاعًا قويًّا ، فنام على فراش النبي – صلى الله
عليه وسلم – حين خرج مهاجرًا ، وهو يعلم أن فرسان قريش خارج المنزل يريدون قتل
النبي ، ولو اقتحموا المنزل لقتلوه ظانين أنه النبي – صلى الله عليه وسلم – وقد
شهد "على ابن أبى طالب" مع النبي – صلى الله عليه وسلم – غزوة "أحد" و "الخندق"
، وبارز في تلك الغزوة فارس قريش و العرب "عمرو بن عبد ود" ، وتغلب عليه وطعنه
طعنة أسقطته قتيلا ، وأعطاه النبي – صلى الله عليه وسلم – الراية في غزوة
"خيبر" وقال :
"لأعطين الراية
رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله" . (رواه أحمد)
واشتهر "على بن أبى طالب" بالفصاحة والبلاغة
والعلم الغزير والمعرفة بكتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم- ، وهو أحد
العشرة الذين بشرهم النبي – صلى الله عليه وسلم- بالجنة، وتزوج "فاطمة" ابنته ،
وأنجب منها "الحسن" و"الحسين" ، وهما اللذان حفظا نسل الرسول – صلى الله عليه
وسلم- وقد تولى "على بن أبى طالب" الخلافة بعد استشهاد "عثمان بن عفان"- رضى
الله عنه- وقد دامت فترة خلافته أربع سنوات ، مات بعدها شهيدًا سنة (40
هـ)
|
·
أسامة بن زيد :
|
ولد "أسامة بن زيد" بمكة المكرمة في العام
الرابع من بعثة النبي – صلى الله عليه وسلم – ونشأ في الإسلام فلم يعرف دينًا
سواه ، فأبوه "زيد بن حارثة" من أول الناس إسلامًا ، وتربى في بيت النبي – صلى
الله عليه وسلم – حيث كان يعيش أبواه .
كان "أسامة" فارسًا شجاعًا منذ صغره ، يحب
الجهاد في سبيل الله ، فخرج مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في غزوة "أحد"
وكان في الرابعة عشرة من عمره تقريبًا ، لكن النبي- إشفاقًا منه ورحمة بأسامة-
أرجعه إلى المدينة لصغر سنه ، ثم اشترك في غزوة "الخندق" بعد أن كبرت سنه واشتد
عوده ، كما اشترك في غزوة "مؤتة" تحت قيادة أبيه الذي استشهد في الغزوة .
ولما بلغ "أسامة" الثامنة عشرة من عمره ولاه
الرسول – صلى الله عليه وسلم – إمارة الجيش المتجه إلى الشام لتأديب بعض
القبائل ، وكان تحت قيادته كبار المهاجرين والأنصار ، لكن هذا الجيش لم يخرج
إلا بعد وفاة النبي – صلى الله عليه وسلم – وعاد ظافرًا منتصرًا .
وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – يحب "أسامة"
كما كان يحب أباه ، وبلغ من حب النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه جعله مثل أهله
، فكان يأخذه هو و"الحسن بن على بن أبى طالب" ويقول: "اللهم أَحبهَّما فإني
أُحب" . (رواه البخارى)
وتوفى أسامة بن زيد عام (54
هـ) .
|
·
عبد الله بن عمر بن الخطاب
:
|
أسلم مع أبيه وهو طفل صغير في العام السادس من
البعثة ، وكان عمره حوالي سبع سنوات ، وهاجر إلى "المدينة" قبل أبيه .
|
 |
نشأ "عبد الله بن
عمر" في بيت صالح ، وشب محبًّا للجهاد ، وحاول أن يشهد غزوة مع رسول الله ، لكن
الرسول – صلى الله عليه وسلم- رده لصغر سنه مع غيره من الصبيان الذين لم يشتد
عودهم ، وأول غزوة شهدها مع رسول الله كانت غزوة "الخندق" واشترك في غزوة
"مؤتة" كما أنه جاهد في معركة "اليرموك" ، وشارك في فتح "مصر" .
وعرف "ابن عمر" بأنه كان شديد الاتباع لسنة
رسول الله – صلى الله عليه وسلم - كثير الرواية عنه ، لذلك كان من أكثر
الصحابة الذين رووا أحاديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، وتوفى "ابن عمر"
سنة (73 هـ ) .
|
·
عبد الله بن عباس :
|
هو ابن عم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ،
ولد في "مكة" قبل الهجرة بثلاث سنوات ، هاجر إلى المدينة مع أبيه قبل فتح "مكة"
سنة (8 هـ)
، ولازم النبي – صلى الله عليه وسلم – عامين ونصفًا وروى عنه أحاديث كثيرة ،
|
 |
، من ذلك : الحديث
المشهور الذي يقول فيه :
"كنت خلف رسول الله
فقال : يا غلام إني أعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ،
إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت
على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإذا اجتمعوا على أن
يضروك بشيء لم يضروك بشيء إلا بشيء قد كتبه الله عليك .. " . (رواه
الترمذى)
وكان "ابن عباس"
منذ صغره مجتهدًا في طلب العلم لافتًا للنظر بذكائه وحسن تصرفه ، وقد دعا له
النبي – صلى الله عليه وسلم – بأن يزيده الله فهمًا وعلمًا .
ولما توُفى النبي –
صلى الله عليه وسلم – كان "ابن عباس" في الثالثة عشرة من عمره ، وبدأ رحلته
الطويلة في التعلم والتفقه في الدين على يد كبار الصحابة ، حتى صار فقيهًا
كبيرًا وهو لا يزال صغير السن ، وكان "عمر بن الخطاب" يدعوه إلى مجلسه مع كبار
الصحابة ويستشيره في الأمور التي تحتاج إلى تفكير عميق ورأى سديد ، وكان يقول
له :
" لقد علمت علمًا
ما علمناه " .
واشتهر "ابن عباس"
بعدة ألقاب مثل : "حبر الأمة " والحبر هو العالم المتمكن ، و"ترجمان القرآن"
لسعة علمه بالقرآن .
وتوفى ابن عباس بالطائف سنة (68
هـ)
عن إحدى وسبعين سنة .
|
·
زيد بن ثابت :
|
أسلم "زيد بن ثابت" صغيرًا ، وكان عمره إحدى
عشرة سنة لما دخل النبي – صلىًّ الله عليه وسلم- إلى المدينة مهاجرًا من "مكة"
، وكان على صغره محبًّا للجهاد في سبيل الله مجدًّا في طلب العلم والمعرفة ،
أراد أن يشترك مع المسلمين في غزوتي "بدر" و"أحد" ، لكن الرسول رده لصغر سنه ،
وأول غزوة اشترك فيها هي غزوة "الخندق" وكان ينقل التراب مع المسلمين ، وقد صحب
"زيد بن ثابت" النبي – صلى الله عليه وسلم – منذ قدومه إلى المدينة ، فقد أتى
به قومه إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وقالوا له : هذا غلام قد حفظ مما
أنزل عليك سبع عشرة سورة ، فلما قرأ على رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
أعجبه ذلك ، وطلب منه أن يتعلم اللغة السريانية التي يكتب بها اليهود في
"المدينة" حتى يأمن مكرهم ، فتعلمها في مدة وجيزة ، وصار يكتب بها لرسول الله ،
وإلى جانب ذلك كان يكتب القرآن عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فكان إذا
نزل عليه شيء من القرآن بعث إليه وأمره أن يكتب ما نزل عليه .
ولما توفى النبي – صلى الله عليه وسلم – أمره
"أبو بكر الصديق" أن يجمع نسخة واحدة من القرآن ، وكان هذا عملاً شاقًّا جدًّا
لا يمكن أن يقوم به إلا الأفذاذ من الرجال ، وقد قام زيد بهذه المهمة على خير
وجه ، ونجح في جمع القرآن وكتابته على الصورة التي نقرؤها اليوم في المصاحف .
وتوفى "زيد بن ثابت" سنة (45
هـ) ، ولما مات قال "أبو هريرة"- رضى الله
عنه : اليوم مات خير هذه الأمة وعسى الله أن يجعل في "ابن عباس" منه خلفًا.
|
·
أنس بن مالك :
|
ولد "أنس بن مالك"
قبل الهجرة بعشر سنين ، ولما هاجر النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة
التحق بخدمته وهو في العاشرة ، وظل يخدمه حتى وفاته – صلى الله عليه وسلم –
ويقول "أنس" :
|
 |
"خدمت النبي – صلى الله عليه وسلم- عشر سنين
فما ضربني ولا سبني ولا عبس في وجهي".
وكانت أول وصية له من رسول الله – صلى الله
عليه وسلم – في بدء خدمته له أن يكون أمينا على السر كاتمًا له ، والتزم "أنس
بن مالك" بذلك التزامًا تامًّا ، ولم يستطع أحد أن يجعله يفشى سرًّا لرسول الله
.
ونشأ أنس منذ صباه تحت رعاية رسول الله – صلى
الله عليه مسلم – فتعلم كثيرًا وتهذب بخلق رسول الله ، وروى عنه أحاديث كثيرة
تجاوزت ألفى حديث ، وعرف بلقب " راوية الإسلام".
وشهد أنس بن مالك مع النبي – صلى الله عليه وسلم –"صلح
الحديبية" ، وفتح "مكة" ، و"حنين" و"الطائف" و"خيبر" . وعاش بعد وفاة النبي –
صلى الله عليه وسلم – طويلاً ، حتى قيل إنه كان آخر أصحاب النبي – صلى الله
عليه وسلم- موتًا ، فقد توفٍّى سنة (91
هـ) في بعض الأقوال .
|
·
الحسن بن على
:
|
أبوه "على بن أبى طالب" ، وأمه "فاطمة الزهراء"
بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولد في شهر "رمضان" من العام الثالث
للهجرة ، وتربى تحت بصر النبي – صلى الله عليه وسلم – وكان كثيرًا ما يحمله
ويداعبه ويلاعبه هو وأخاه "الحسين".
|
 |
ويروى أن رسول
الله – صلى الله عليه وسلم – بينما هو على منبره يخطب فجاء "الحسن" و"الحسين"
وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران ، فنزل رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
من على المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه ، ثم قال :
"رأيت هذين يمشيان
ويعثران في قميصهما فلم أصبر حتى نزلت فحملتهما" . (رواه
النسائي) .
ونشأة "الحسن بن على"
نشأة نبوية
فكان كريم الخلق عفيف
اللسان ، فصيح العبارة سخي اليد ،
فارسًا مغوارًا .
وحينما استشهد علي بن أبي طالب رضي
الله عنه بايع الناس ابنه الحسن ، ودارت أحداث وتنازل الحسن عن منصبه لمعاوية ،
وكان هذا رغبة منه في لم شمل المسلمين ، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه قال :
"إن ابني هذا سيد ،
ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين " . (رواه البخارى)
وأقام "الحسن بن على" في المدينة وكان موضع
احترام الناس وإجلالهم لكرمه وسخائه حتى توفي سنة (50
هـ)
.
|
·
الحسين بن على
:
|
ولد في شهر "شعبان" من العام الرابع للهجرة ، وكان هو وأخوه "الحسن" أحب أهل
البيت إلى جدهما النبي – صلى الله عليه وسلم – وكان لا يطيق غيابهما عنه ،
فيأمر بإحضارهما أو يذهب هو إليهما ، وكم من مرة يركب "الحسن" و"الحسين" ظهر
النبي – صلى الله عليه وسلم – وهما يمرحان معه ، وأحيانًا وهو ساجد في صلاته
فيظل في سجوده حتى ينزلا .
وقد شب "الحسين بن على"- مثل أخيه - على حب الفروسية
والشجاعة ، فشارك في الجهاد في سبيل الله في خلافة "عثمان"، وكان بين الجيوش
التي قاتلت الروم في بلاد المغرب العربي ، وشارك
سنة ثلاثين من الهجرة مع جيش "سعد بن أبى
وقاص" في معارك آسيا وفتح طبرستان .
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق