عندما
ترى امرأة عجوزًا تحمل حملاً ثقيلاً ، وهى تعانى بما تحمله ، وتكاد تقع مع كل
خطوة تخطوها فتشعر نحوها بالشفقة والعطف . |
وعندما تجد قطة صغيرة لا ترى أمامها، وهى ترتعش من شدة البرد ، ولا تعرف كيف تطعم نفسها فتتألم لها أشد الألم ،
وعندما يقع بصرك على طفل تاه عن أهله ، وهو يبكى بحرقة وألم
ترق
لبكائه وتتألم لألمه ، إن كل ما شعرت به تجاه هؤلاء
هو شعور بالرحمة.
والرحمة
صفة من صفات الله – عز وجل- فهو سبحانه الذي خلقنا. |
 |
وهو الذي يطعمنا ويسقينا ، وإذا مرضنا فهو يشفينا ، وهو الذي يهدينا إلى الإيمان به
.
|
ورحمة الله واسعة ، ومظاهرها كثيرة لا يمكن
عدها ولا حصرها ؛ فهي تشمل كل شيء وتصل إلى كل مخلوق ، وكلنا في حاجة إليها. |
قال تعالى:
"وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ "
(الأعراف 156)
|
 |
وهو سبحانه الذي خلق الرحمة في
قلوب عباده ، لذلك يتراحم الناس فيما بينهم .
يقول النبي -صلى
الله عليه و سلم- :
"جعل الله الرحمة في مائة جزء ، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءًا، وأنزل فى الأرض
جزءًا واحدًا ، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق ، حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها ،
خشية أن تصيبه " . رواه البخاري
ولن ينال رحمة
الله يوم القيامة إنسان فظ قاسى الطبع ، نزعت من قلبه الرحمة فقد قال
-صلى الله عليه و سلم- :
"لا تنزع الرحمة
إلا من شقي" . (رواه الترمذى) كما قال -صلى الله عليه و
سلم-:
"من لا يرحم لا
يُرحم" (رواه البخارى)
"ارحموا من في
الأرض يرحمكم من في السماء" . (رواه الترمذى)
|
من نرحم ؟
|
إن الرحمة خلق جميل وعظيم ، وعلينا أن نتحلى به ، ونعم به جميع المخلوقات ، فكما
أننا في حاجة إلى رحمة الله فلا بد أيضًا أن نتراحم فيما بيننا حتى ننال رضا الله
وحبه وهناك
بعض
الناس
يجب علينا أن نخصهم برحمتنا و رعايتنا أكثر من غيرهم، منهم:
|
* الأبوان الكبيران ، فكما
ترفقا
بنا ورحمانا ونحن صغار فعلينا أن نترفق بهما ونرحمهما وهما كبيران ، ونكون في
خدمتهما بحب وفرح ، وأن نطيعهما ونخاطبهما بأدب وتوقير وتعظيم ، ولا نسمعهما إلا كل
قول طيب حسن .
* والضعفاء ، والمحتاجون ، والمرضى ، وأصحاب الأعذار كالأعمى والأبكم ، والعاجز ،
بأن نكون في عونهم ، ونلبى حاجاتهم ، ولا نعير أحدًا منهم بعاهته أبدًا ، قال تعالى
:
|
 |
" لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى
الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ
يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا "
( الفتح 17) |
*
والطفل الصغير خاصة إذا كان يتيمًا ، بأن نلاعبه ونداعبه ونشمله برعايتنا وحبنا،
وقال النبي
-صلى
الله عليه و سلم- :
"ليس منا من لم يرحم صغيرنا ، ويعرف حق كبيرنا". (رواه الترمذى)
* وكل من يقوم على خدمتنا ، فقد كان رسول الله
-صلى الله عليه و سلم-
يأكل مع الخدم ويتحدث معهم ، ويوصى بهم خيرًا؛ فهم إخواننا، وعلينا أن نطعمهم مما
نأكل، ونلبسهم مما نلبس، ولا نكلفهم بعمل لا يستطيعون أداءه.
*
وجميع الحيوانات والطيور ، لأنها
من
مخلوقات الله التي تحس وتتألم وتمرض ، لذا علينا أن نطعمها ونسقيها
ولا نحملها فوق طاقتها وعلينا ألا نضربها أو نؤذيها, وأن نداويها إذا مرضت , وأن
نهيأ لها مكانًا مناسبًا لتعيش فيه.
|
الرحمة المهداة :
|
كان رسول الله
-صلى الله عليه و سلم-
من
أعظم البشر رحمة وشفقة ورقة، وقد عمت رحمته الصغير والكبير ، والضعيف والقوى ،
والفقير والغنى ، والحيوان والطائر ، حتى الأعداء عمتهم رحمته
-صلى الله عليه و سلم- فهو أعظم رحمة أرسلها الله إلى خلقه
ليرشدهم إلى طريق الإيمان والفلاح فتسعد حياتهم
في الدنيا والآخرة . |
قال
تعالى :
|
 |
فعلينا أن نتعلم منه
-صلى الله عليه و سلم- ونتخذه قدوة
لنا في كل أمورنا .
* ذات يوم دخل النبي
-صلى الله عليه و سلم- حديقة رجل من الأنصار ، فاقترب منه
-صلى الله عليه و سلم- جمل تنزل الدموع من عينيه،
فمسح النبي -صلى الله عليه و سلم- على رأس الجمل
ورقبته برقة ورحمة فسكت الجمل عن البكاء فسأل النبي عن صاحب الجمل فجاء إليه، فطلب
منه النبي -صلى الله عليه و سلم- أن يتقى الله في
هذا الجمل الذي ملكه الله له ؛ لأنه اشتكى منه أنه لا يطعمه
ويتعبه بكثرة العمل .
*وقال
عنه خادمه "أنس بن مالك" – رضى الله عنه :
"خدمت رسول الله
-صلى الله عليه و سلم- عشر سنين . والله
ما قال لي
أف قط ، ولا قال لي لشيء : لم فعلت هكذا ؟ وهلا فعلت كذا ؟" (رواه
مسلم)
* وكان النبي
-صلى الله عليه و سلم- لا يطيل
الصلاة رحمة بالمرضى ، وكبار السن .
* وذات يوم قبَّل
النبي
-صلى الله عليه و سلم- "الحسن" ابن ابنته "فاطمة"
، فلما شاهده أحد أصحابه قال :
|
يا
رسول الله إن لي عشرة من الأولاد ما قبلت أحدًا منهم قط . فقال له الرسول
-صلى الله عليه و سلم- "من لا يرحم
لا يُرحم" . (رواه البخارى) |
 |
فضل
الرحمة :
|
* إن
الإنسان الرحيم ذا القلب العطوف يحبه الله و رسوله ، كما يحبه كل الناس .
*
علينا أن نحذر من قسوة القلوب لأنه لن ينال رحمة الله إنسان فظ نزعت من قلبه الرحمة
قال -صلى الله عليه و سلم- : |
"لا
تنزع الرحمة إلا من شقي" . (رواه الترمذى)
|
 |
* إن
من يرحم الناس يستحق رحمة الله ، قال -صلى الله عليه و سلم-
: "ارحمو من في الأرض ، يرحمكم من في السماء" . (رواه الترمذى)
* إن
المجتمع الذي يتراحم أفراده فيما بينهم مجتمع سعيد ، يشعر فيه كل إنسان بالأمن
والحماية والرعاية ، فلا مكان فيه لجائع ولا محروم ولا خائف .
* إن
الرحمة تجعلنا نحب بعضنا بعضًا ، كما تشجعنا على التعاون والترابط والتكافل فيما
بيننا ، قال رسول الله -صلى الله عليه و سلم- : "مثل..
المؤمنين : في تراحمهم ، وتوادهم ، وتعاطفهم ، كمثل الجسد ، إذا اشتكى عضو ، تداعى
له سائر جسده بالسهر والحمى " . (رواه البخارى)
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق